ذات صباح عابق برائحة النخل وعطانة الطين المتسربة من البساتين في بريدة كنت أحت الخطى نحو "جردة بريدة" ذلك السوق القديم الذي ظل متوهجاً بمفاصلات البيع والشراء والوجوه المتعبة من مشاوير السفر.. سوق يعد احد اشهر المواقع التجارية في منطقة نجد على مدى سنوات تقارب الـ400 عام..
ارتبط هذا السوق بتاريخ العقيلات ورحلاتهم الشهيرة الى خارج حدود الجزيرة العربية باتجاه الشام وفلسطين ومصر والعراق وصولاً الى فضاء رحب من عالم الاسواق التجارية.
من هم العقيلات
العقيلات هم تجار يتاجرون بالخيل والابل وكانوا يحددون سفرهم بالصيف ويختارون بداية الشهر القمري حتى تتمكن القافلة من السير ليلاً اتقاء لحرارة الشمس وكانوا يقطعون المسافات الطويلة على ظهور الابل مرددين الحداء والغناء.
ملتقى التجار
في الماضي كانت الجردة بمثابة السوق النافذ في منطقتي القصيم ونجد وصولاً الى الخليج العربي كما انه كان "مناخاً" للعقيلات ذهاباً وعودة حيث يلتقي تجار بريدة والقصيم بصفة عاماً ويقومون بالتجهيز الى الرحلات.
وهج الامكنة
الجردة رغم سيادة وشموخ المراكز التجارية الحديثة الا انها لا زالت تمتلك توهج الامكنة وذلك الضوء الجميل في حياة التجارة وبريق سنوات المجد لازالت تواصل هتافها وذلك من خلال تعلق كبار السن بدكاكينهم والتي عدلت من الطين في جزء منها الى البناء الحديث وبقاء جزء آخر في البناء القديم مع احتفاظ الجردة بتلك الدروب القديمة المسماة بـ"القبب" والمغطاة منذ سنوات طويلة لازالت ردهات الجردة تشهد مفاصلات البيع والشراء من قبل التجار خاصة الساحة الشرقية التي تحولت الى ما يشبه الحراج المصغر.
الاحفاد يعيدون التاريخ
في الوقت الراهن نبعت فكرة احفاد العقيلات من الحرص على اعادة الروح والبوح القديم الى الجردة حيث قام نفر منهم برحلة تجارية تماثل رحلات اجدادهم وذلك بالانطلاق من الجردة الى الاردن عبر عدة مراحل. حيث وصلت الرحلة الاولى الى اولى محطات المناخ الاول في بلدة قصيبا شمالي بريدة عبر الخط التاريخي لرحلات العقيلات.
تجديد التراث
ووفقاً لكل من بدر الوهيبي وزكريا الوهيبي من احفاد العقيلات انهما ارادا بهذه الرحلة تجديد ذلك التراث الجميل للاجداد الذين سافروا على ظهور الابل الى كافة الاتجاهات.
ولان الفكرة كانت وحياً لحوار الاماكن بين ماضي رحلات العقيلات من ابناء بريدة وبين سوقهم القديم كان لا بد من تسليط الضوء على هذا المكان التاريخي واستقاء ما فيه من احد معاصري السوق القديم الا وهو الشيخ عبدالله الوابل التويجري احد رجالات العقيلات والذي شارك في آخر الرحلات.
يقول التويجري ان الحديث عن الجردة يطول فقد كانت موقعاً لانطلاق الرحلات التجارية أي انها كانت عبارة عن محطة تجارية دولية في ذلك الزمان كون الانطلاق منها والعودة اليها كما كانت تمثل جمال ذلك الزمان في الوداع واللقاء لذا فان الجردة لا زالت تحتفظ بذلك الوهج القديم الاسر.
في دكانته الصغيرة بالجردة تلتقي بالشيخ عبدالعزيز محمد النافع الذي كان يتحلق حوله عدد من اهالي الجردة وتسأله عن قصة الجردة ورحلات العقيلات فيقول: الجردة من اقدم الاسواق في الجزيرة العربية وذاع صيته لانه كان ملتقى رجال العقيلات وبداية رحلاتهم الى الشام وفلسطين ومصر والعراق وعادة ما كان يطلق على من سافر مع هذه الرحلة انه ذهب للغربية ويقوم التاجر او قائد الرحلة بشراء الجمال من اجل بيعها في "الغربية" حيث كانت الجردة تشهد مئات الرؤوس من الابل التي يتم شراؤها وعندما تكتمل اعداد الجمال التي يتم رصدها للرحلة يأتي دور المرافقين للقافلة الذين تختلف مهامهم حيث نجد المرافقين للحراسة والطباخين والرعاة والتجار من اصحاب الحلال.
لحظات الوداع
فيما تنطلق الرحلة يكون جميع اهالي بريدة في ساحات الجردة بين مودّع لاب او لاخ او صديق وعادة ما تستمر الرحلة عدة اشهر.
واضاف النافع ان انطلاقة ركايب عقيل ومرافقيهم من مناخها في الجردة كان يشكل مشهداً تاريخياً متفرداً ولم يكن ذلك المشهد يضاهيه شيء سوى عودة القافلة من السفر محملة بالسلع حيث يخرج الجميع لاستقبالها.
حلقة للتعليم
واستطرد: ان الجردة لم تكن مكاناً للبيع والشراء فحسب بل كانت بمثابة حلقة للتعليم حيث كان رجال العقيلات يقومون بنقل مشاهداتهم في البلدان التي زاروها الى رواد هذا السوق.
جامعة علمية
ويرى ابراهيم الصقعوب احد المهتمين بتوثيق تاريخ العقيلات ان الجردة كانت عبارة عن مثلث وملتقى تاريخي وتمثل جامعة علمية يتعلم فيها الاهالي الكثير من العلوم غير العلوم التي يتم اخذها من القادمين من الرحلات.
واستطرد في حديثه: ان رحلات العقيلات من الجردة توقفت في العام 1370هـ بعد انتشار وسائل النقل الحديثة.
وفي احد ردهات الجردة تلتقي بحمود صالح الضبيعي الذي اوضح انه وابناء جيله لم يعيشوا في ايام مجد الجردة ولكن رغم ذلك فان هذا السوق يعيش في وجدان جميع اهالي بريدة وتمثل الجردة ملتقى ومحركاً تجارياً هاماً للمدينة وللمنطقة بصفة عامة والدليل على ذلك ان بريدة تنمو وتتسع ورغم ذلك فان سوق الجردة لا يزال محافظاً على قدرته التسويقية.
واضاف ان امانة بريدة مطالبة باستغلال هذا الموقع التاريخي من اجل ان يكون درساً نافعاً للاجيال عن عصامية رجال العقيلات في الماضي.
ارتبط هذا السوق بتاريخ العقيلات ورحلاتهم الشهيرة الى خارج حدود الجزيرة العربية باتجاه الشام وفلسطين ومصر والعراق وصولاً الى فضاء رحب من عالم الاسواق التجارية.
من هم العقيلات
العقيلات هم تجار يتاجرون بالخيل والابل وكانوا يحددون سفرهم بالصيف ويختارون بداية الشهر القمري حتى تتمكن القافلة من السير ليلاً اتقاء لحرارة الشمس وكانوا يقطعون المسافات الطويلة على ظهور الابل مرددين الحداء والغناء.
ملتقى التجار
في الماضي كانت الجردة بمثابة السوق النافذ في منطقتي القصيم ونجد وصولاً الى الخليج العربي كما انه كان "مناخاً" للعقيلات ذهاباً وعودة حيث يلتقي تجار بريدة والقصيم بصفة عاماً ويقومون بالتجهيز الى الرحلات.
وهج الامكنة
الجردة رغم سيادة وشموخ المراكز التجارية الحديثة الا انها لا زالت تمتلك توهج الامكنة وذلك الضوء الجميل في حياة التجارة وبريق سنوات المجد لازالت تواصل هتافها وذلك من خلال تعلق كبار السن بدكاكينهم والتي عدلت من الطين في جزء منها الى البناء الحديث وبقاء جزء آخر في البناء القديم مع احتفاظ الجردة بتلك الدروب القديمة المسماة بـ"القبب" والمغطاة منذ سنوات طويلة لازالت ردهات الجردة تشهد مفاصلات البيع والشراء من قبل التجار خاصة الساحة الشرقية التي تحولت الى ما يشبه الحراج المصغر.
الاحفاد يعيدون التاريخ
في الوقت الراهن نبعت فكرة احفاد العقيلات من الحرص على اعادة الروح والبوح القديم الى الجردة حيث قام نفر منهم برحلة تجارية تماثل رحلات اجدادهم وذلك بالانطلاق من الجردة الى الاردن عبر عدة مراحل. حيث وصلت الرحلة الاولى الى اولى محطات المناخ الاول في بلدة قصيبا شمالي بريدة عبر الخط التاريخي لرحلات العقيلات.
تجديد التراث
ووفقاً لكل من بدر الوهيبي وزكريا الوهيبي من احفاد العقيلات انهما ارادا بهذه الرحلة تجديد ذلك التراث الجميل للاجداد الذين سافروا على ظهور الابل الى كافة الاتجاهات.
ولان الفكرة كانت وحياً لحوار الاماكن بين ماضي رحلات العقيلات من ابناء بريدة وبين سوقهم القديم كان لا بد من تسليط الضوء على هذا المكان التاريخي واستقاء ما فيه من احد معاصري السوق القديم الا وهو الشيخ عبدالله الوابل التويجري احد رجالات العقيلات والذي شارك في آخر الرحلات.
يقول التويجري ان الحديث عن الجردة يطول فقد كانت موقعاً لانطلاق الرحلات التجارية أي انها كانت عبارة عن محطة تجارية دولية في ذلك الزمان كون الانطلاق منها والعودة اليها كما كانت تمثل جمال ذلك الزمان في الوداع واللقاء لذا فان الجردة لا زالت تحتفظ بذلك الوهج القديم الاسر.
في دكانته الصغيرة بالجردة تلتقي بالشيخ عبدالعزيز محمد النافع الذي كان يتحلق حوله عدد من اهالي الجردة وتسأله عن قصة الجردة ورحلات العقيلات فيقول: الجردة من اقدم الاسواق في الجزيرة العربية وذاع صيته لانه كان ملتقى رجال العقيلات وبداية رحلاتهم الى الشام وفلسطين ومصر والعراق وعادة ما كان يطلق على من سافر مع هذه الرحلة انه ذهب للغربية ويقوم التاجر او قائد الرحلة بشراء الجمال من اجل بيعها في "الغربية" حيث كانت الجردة تشهد مئات الرؤوس من الابل التي يتم شراؤها وعندما تكتمل اعداد الجمال التي يتم رصدها للرحلة يأتي دور المرافقين للقافلة الذين تختلف مهامهم حيث نجد المرافقين للحراسة والطباخين والرعاة والتجار من اصحاب الحلال.
لحظات الوداع
فيما تنطلق الرحلة يكون جميع اهالي بريدة في ساحات الجردة بين مودّع لاب او لاخ او صديق وعادة ما تستمر الرحلة عدة اشهر.
واضاف النافع ان انطلاقة ركايب عقيل ومرافقيهم من مناخها في الجردة كان يشكل مشهداً تاريخياً متفرداً ولم يكن ذلك المشهد يضاهيه شيء سوى عودة القافلة من السفر محملة بالسلع حيث يخرج الجميع لاستقبالها.
حلقة للتعليم
واستطرد: ان الجردة لم تكن مكاناً للبيع والشراء فحسب بل كانت بمثابة حلقة للتعليم حيث كان رجال العقيلات يقومون بنقل مشاهداتهم في البلدان التي زاروها الى رواد هذا السوق.
جامعة علمية
ويرى ابراهيم الصقعوب احد المهتمين بتوثيق تاريخ العقيلات ان الجردة كانت عبارة عن مثلث وملتقى تاريخي وتمثل جامعة علمية يتعلم فيها الاهالي الكثير من العلوم غير العلوم التي يتم اخذها من القادمين من الرحلات.
واستطرد في حديثه: ان رحلات العقيلات من الجردة توقفت في العام 1370هـ بعد انتشار وسائل النقل الحديثة.
وفي احد ردهات الجردة تلتقي بحمود صالح الضبيعي الذي اوضح انه وابناء جيله لم يعيشوا في ايام مجد الجردة ولكن رغم ذلك فان هذا السوق يعيش في وجدان جميع اهالي بريدة وتمثل الجردة ملتقى ومحركاً تجارياً هاماً للمدينة وللمنطقة بصفة عامة والدليل على ذلك ان بريدة تنمو وتتسع ورغم ذلك فان سوق الجردة لا يزال محافظاً على قدرته التسويقية.
واضاف ان امانة بريدة مطالبة باستغلال هذا الموقع التاريخي من اجل ان يكون درساً نافعاً للاجيال عن عصامية رجال العقيلات في الماضي.